فصل: (أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فِي الْقُرْآنِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.فَصْلٌ: في السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ‏:

مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهَا فِي عِلْمِ الْجَدَل: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ‏.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} [الْأَنْعَام: 143]. الْآيَتَيْنِ فَإِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا حَرَّمُوا ذُكُورَ الْأَنْعَامِ تَارَةً، وَإِنَاثَهَا أُخْرَى رَدَّ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِطَرِيقِ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، فَقَالَ: إِنَّ الْخَلْقَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلَقَ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مِمَّا ذَكَرَ ذَكَرًا وَأُنْثَى، فَمِمَّ جَاءَ تَحْرِيمُ مَا ذَكَرْتُمْ أَيْ: مَا عِلَّتُهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الذُّكُورَةِ أَوِ الْأُنُوثَةِ أَوِ اشْتِمَالِ الرَّحِمِ الشَّامِلِ لَهُمَا، أَوْ لَا يَدْرِي لَهُ عِلَّةً، وَهُوَ التَّعَبُّدِيُّ بِأَنْ أُخِذَ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَخْذُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى إِمَّا بِوَحْيٍ وَإِرْسَالِ رَسُولٍ أَوْ سَمَاعِ كَلَامِهِ، وَمُشَاهَدَةِ تَلَقِّي ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ مَعْنَى قوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} [الْأَنْعَام: 144]. فَهَذِهِ وُجُوهُ التَّحْرِيمِ لَا تَخْرُجُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا‏.
وَالْأَوَّلُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الذُّكُورِ حَرَامًا‏.
وَالثَّانِي يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْإِنَاثِ حَرَامًا‏.
وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الصِّنْفَيْنِ مَعًا، فَبَطَلَ مَا فَعَلُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضٍ فِي حَالَةٍ وَبَعْضٍ فِي حَالَةٍ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى مَا ذُكِرَ تَقْتَضِي إِطْلَاقَ التَّحْرِيمِ وَالْأَخْذَ عَنِ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةِ بَاطِلٍ وَلَمْ يَدَّعُوهُ، وَبِوَاسِطَةِ رَسُولٍ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا بَطَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ ثَبَتَ الْمُدَّعَى، وَهُوَ أَنَّ مَا قَالُوهُ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَضَلَالٌ.
وَمِنْهَا‏: الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ‏. قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَع: وَحَقِيقَتُهُ رَدُّ كَلَامِ الْخَصْمِ مِنْ فَحْوَى كَلَامِهِ‏.
وَقَالَ غَيْرُهُ‏: هُوَ قِسْمَانِ‏.
أَحَدُهُمَا‏: أَنْ تَقَعَ صِفَةٌ فِي كَلَامِ الْغَيْرِ كِنَايَةً عَنْ شَيْءٍ أُثْبِتَ لَهُ حُكْمٌ فَيُثْبِتُهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} الْآيَةَ [الْمُنَافِقُونَ: 8] فَـ الْأَعَزُّ وَقَعَتْ فِي كَلَامِ الْمُنَافِقِينَ كِنَايَةً عَنْ فَرِيقِهِمْ وَالْأَذَلُّ عَنْ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَثْبَتَ الْمُنَافِقُونَ لِفَرِيقِهِمْ إِخْرَاجَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَثْبَتَ اللَّهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ صِفَةَ الْعِزَّةِ لِغَيْرِ فَرِيقِهِمْ، وَهُوَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: صَحِيحٌ ذَلِكَ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، لَكِنْ هُمُ الْأَذَلُّ الْمُخْرَجُ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ الْأَعَزُّ الْمُخْرِجُ‏.
وَالثَّانِي‏: حَمْلُ لَفْظٍ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَيْرِ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ بِذِكْرِ مُتَعَلِّقِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْرَدَ لَهُ مِثَالًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ ظَفِرْتُ بِآيَةٍ مِنْهُ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أَذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} [التَّوْبَة: 61].
وَمِنْهَا‏: التَّسْلِيمُ، وَهُوَ أَنْ يَفْرِضَ الْمُحَالَ إِمَّا مَنْفِيًّا أَوْ مَشْرُوطًا بِحَرْفِ الِامْتِنَاعِ، لِكَوْنِ الْمَذْكُورِ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ شَرْطِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وُقُوعُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ فَائِدَةِ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الْمُؤْمِنُونَ: 9]. الْمَعْنَى: لَيْسَ مَعَ اللَّهِ مِنْ إِلَهٍ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَعَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَهًا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ التَّسْلِيمِ ذَهَابُ كُلِّ إِلَهٍ مِنَ الِاثْنَيْنِ بِمَا خَلَقَ، وَعُلُوُّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا يَتِمُّ فِي الْعَالَمِ أَمْرٌ، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمٌ وَلَا تَنْتَظِمُ أَحْوَالُهُ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُ ذَلِكَ، فَفَرْضُ إِلَهَيْنِ فَصَاعِدًا مُحَالٌ لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُحَالُ‏.
وَمِنْهَا‏: الْإِسْجَالُ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِأَلْفَاظٍ تُسَجِّلُ عَلَى الْمُخَاطَبِ وُقُوعَ مَا خُوطِبَ بِهِ نَحْوَ: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} [آلِ عِمْرَانَ: 194]. {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} [غَافِرٍ: 8]. فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إِسْجَالًا بِالْإِيتَاءِ وَالْإِدْخَالِ، حَيْثُ وُصِفَا بِالْوَعْدِ مِنَ اللَّهِ الَّذِي لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ‏.
وَمِنْهَا‏: الِانْتِقَالُ وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلَ الْمُسْتَدِلُّ إِلَى اسْتِدْلَالٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ آخِذًا فِيهِ، لِكَوْنِ الْخَصْمِ لَمْ يَفْهَمْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْأَوَّلِ، كَمَا جَاءَ فِي مُنَاظَرَةِ الْخَلِيلِ الْجَبَّارَ لَمَّا قَالَ لَهُ: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [الْبَقَرَة: 258]. فَقَالَ الْجَبَّارُ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ثُمَّ دَعَا بِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَأَعْتَقَهُ، وَمَنْ لَا يُجِبْ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، فَعَلِمَ الْخَلِيلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَى الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ وَغَالَطَ بِهَذَا الْفِعْلِ، فَانْتَقَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى اسْتِدْلَالٍ لَا يَجِدْ الْجَبَّارُ لَهُ وَجْهًا يَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [الْبَقَرَة: 258]. فَانْقَطَعَ الْجَبَّارُ وَبُهِتَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا الْآتِي بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ لِأَنَّ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ يُكَذِّبُهُ‏.
وَمِنْهَا‏: الْمُنَاقَضَةُ وَهِيَ تَعْلِيقُ أَمْرٍ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِحَالَةِ وُقُوعِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الْأَعْرَاف: 40].
وَمِنْهَا‏: مُجَارَاةُ الْخَصْمِ لِيَعْثُرَ بِأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضَ مُقَدِّمَاتِهِ، حَيْثُ يُرَادُ تَبْكِيتُهُ وَإِلْزَامُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الْآيَةَ [إِبْرَاهِيمَ: 10، 11]. فَقَوْلُهُمْ: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الْآيَةَ.. فِيهِ اعْتِرَافُ الرُّسُلِ بِكَوْنِهِمْ مَقْصُورِينَ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ، فَكَأَنَّهُمْ سَلَّمُوا انْتِفَاءَ الرِّسَالَةِ عَنْهُمْ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ مِنْ مُجَارَاةُ الْخَصْمِ لِيَعْثُرَ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا‏: مَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ كَوْنِنَا بَشَرًا حَقٌّ لَا نُنْكِرُهُ وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ يَمُنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِالرِّسَالَةِ‏.

.النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ: فِيمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابِ:

.(أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فِي الْقُرْآنِ):

فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ، هُمْ مَشَاهِيرُهُمْ‏.
1- آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ ذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّهُ (أَفْعَلُ) وَصْفٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأُدْمَةِ وَلِذَا مُنِعَ الصَّرْفَ‏.
قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏: أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ كُلُّهَا أَعْجَمِيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَةً‏: آدَمُ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَمُحَمَّدٌ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: إِنَّمَا سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ‏.
وَقَالَ قَوْمٌ‏: هُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ أَصْلُهُ آدَامٌ بِوَزْنِ خَاتَامٍ. عُرِّبَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ الثَّانِيَةِ‏.
وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ‏: التُّرَابُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ آدَامٌ فَسُمِّيَ آدَمَ بِهِ‏.
قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ‏: عَاشَ تِسْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً‏.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِه: اشْتُهِرَ فِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ أَنَّهُ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ‏.
‏2- نُوحٌ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏: أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ زَادَ الْكِرْمَانِيُّ وَمَعْنَاهُ بِالسُّرْيَانِيَّة: الشَّاكِرُ‏.
وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَك: إِنَّمَا سُمِّيَ نُوحًا لِكَثْرَةِ بُكَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ‏. قَالَ‏: وَأَكْثَرُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ إِدْرِيسَ‏.
وَقَالَ غَيْرُهُ‏: هُوَ نُوحُ بْنُ لَمْكٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا كَافٌ- ابْنُ مَتَّوْشَلَخَ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَة. وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ- ابْنُ أَخَنُوخَ- بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ وَهُوَ إِدْرِيسُ فِيمَا يُقَالُ‏.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه: مَنْ أَوَّلُ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ‏: آدَمُ قُلْتُ‏: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ‏: نُوحٌ وَبَيْنَهُمَا عِشْرُونَ قَرْنًا».
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشْرَةُ قُرُونٍ‏. وَفِيهِ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا لِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ وَعَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ سِتِّينَ سَنَةً حَتَّى كَثُرَ النَّاسُ وَفَشَوْا».
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَنَّ مَوْلِدَ نُوحٍ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا‏. وَفِي التَّهْذِيبِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهُ أَطْوَلُ الْأَنْبِيَاءِ عُمُرًا‏.
3- إِدْرِيسُ قِيلَ: إِنَّهُ قَبْلَ نُوحٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ‏: كَانَ إِدْرِيسُ أَوَّلَ بَنِي آدَمَ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ وَهُوَ أَخَنُوخُ بْنُ يَرْدِ بْنِ مَهْلَائِيلَ بْنِ أَنْوَشَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ‏.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ‏: إِدْرِيسُ جَدُّ نُوحٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ خَنُوخُ، وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ، وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الدِّرَاسَةِ لِكَثْرَةِ دَرْسِهِ الصُّحُفَ.
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ‏: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِدْرِيسُ أَبْيَضَ طَوِيلًا، ضَخْمَ الْبَطْنِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ، قَلِيلَ شَعْرِ الْجَسَدِ، كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَكَانَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ أَعْظَمَ مِنَ الْأُخْرَى، وَفِي صَدْرِهِ نُكْتَةُ بَيَاضٍ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ مَا رَأَى مِنْ جَوْرِهِمْ وَاعْتِدَائِهِمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ، رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَهُوَ حَيْثُ يَقُولُ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مَرْيَمَ: 57].
وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَنَّهُ رُفِعَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً‏.
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ: أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا رَسُولًا وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ‏.
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: كَانَ فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ أَلْفُ سَنَةٍ‏.
4- إِبْرَاهِيمَ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏: هُوَ اسْمٌ قَدِيمٌ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ عَلَى وُجُوهٍ أَشْهَرُهَا إِبْرَاهِيمُ وَقَالُوا إِبْرَاهَامُ‏.
وَقُرِئَ بِهِ فِي السَّبْعِ، وَإِبْرَاهَمُ بِحَذْفِ الْيَاءِ، وَإِبَرَهْمُ، وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ مَعْنَاهُ أَبٌ رَحِيمٌ، قِيلَ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْبُرْهُمَةِ، وَهِيَ شِدَّةُ النَّظَرِ حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ‏.
وَهُوَ ابْنُ آزَرَ، وَاسْمُهُ تَارَحُ، بِمُثَنَّاةٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ، ابْنُ نَاحُورَ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ- ابْنُ شَارُوخَ- بِمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مَضْمُومَةٍ، وَآخِرُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ ابْنُ رَاغُوا بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ- ابْنُ فَالَخَ- بِفَاءٍ وَلَامٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَةٍ- ابْنُ عَابِرٍ- بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ- ابْنُ شَالَخَ- بِمُعْجَمَتَيْنِ ابْنُ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ‏.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ‏: وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى رَأْسِ أَلْفَيْ سَنَةٍ مِنْ خَلْقِ آدَمَ‏.
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ بِالْقَدُوم. وَمَاتَ ابْنُ مِائِتَيْ سَنَةٍ‏.
وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: قَوْلًا أَنَّهُ عَاشَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ.
5- إِسْمَاعِيلُ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏: وَيُقَالُ بِالنُّونِ آخِرُهُ‏.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ‏: وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ.
6- إِسْحَاقُ: وُلِدَ بَعْدَ إِسْمَاعِيلَ بِأَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً وَذَكَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مَسْكَوَيْهِ فِي كِتَابِ نَدِيمِ الْفَرِيدِ أَنَّ مَعْنَى إِسْحَاقَ بِالْعِبْرَانِيَّة: الضَّحَّاكُ.
8- يَعْقُوبُ: عَاشَ مِائَةً وَسَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
7- يُوسُفُ: فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‏».
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ يُوسُفَ أُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَقِيَ أَبَاهُ بَعْدَ الثَّمَانِينَ، وَتُوُفِّيَ وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ‏.
وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ‏».
قَالَ بَعْضُهُمْ‏: وَهُوَ مُرْسَلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} [غَافِرٍ: 34]. وَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بَلْ يُوسُفُ بْنُ إِفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، وَيُشْبِهُ هَذَا مَا فِي الْعَجَائِبِ لِلْكِرْمَانِيِّ فِي قَوْلِه: {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مَرْيَمَ: 6]. أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ مَاثَانَ، وَأَنَّ امْرَأَةَ زَكَرِيَّا كَانَتْ أُخْتَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ‏.
قَالَ‏: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ غَرِيبٌ انْتَهَى.
‏وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ غَرِيبٌ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْغَرِيبُ الْأَوَّلُ، وَنَظِيرُهُ فِي الْغَرَابَةِ قَوْلُ نَوْفٍ الْبِكَالِيّ: إِنَّ مُوسَى الْمَذْكُورَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلْ مُوسَى بْنُ مَنْشَى بْنِ يُوسُفَ وَقِيلَ: ابْنُ إِفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ، وَقَدْ كَذَّبَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ‏.
وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ غَرَابَةً مَا حَكَاهُ النَّقَّاشُ وَالْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّ يُوسُفَ الْمَذْكُورَ فِي سُورَةِ غَافِرٍ مِنَ الْجِنِّ بَعَثَهُ اللَّهُ رَسُولًا إِلَيْهِمْ، وَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَسْكَرٍ أَنَّ عِمْرَانَ الْمَذْكُورَ فِي آلِ عِمْرَانَ هُوَ وَالِدُ مُوسَى لَا وَالِدُ مَرْيَمَ‏.
وَفِي يُوسُفَ سِتُّ لُغَاتٍ: بِتَثْلِيثِ السِّينِ مَعَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ‏.
9- لُوطٌ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ‏: هُوَ لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ‏. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: لُوطٌ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ.
10- هُودٌ: قَالَ كَعْبٌ‏: كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِآدَمَ‏.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏: كَانَ رَجُلًا جَلْدًا أَخْرَجَهُمَا فِي الْمُسْتَدْرَكِ.
وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ‏: اسْمُهُ عَابِرُ بْنُ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ‏.
وَقَالَ غَيْرُهُ‏: الرَّاجِحُ فِي نَسَبِهِ أَنَّهُ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ حَاوِذَ بْنِ عَادِ بْنِ عُوصِ بْنِ إِرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ‏.
11- صَالِحٌ: قَالَ وَهْبٌ‏: هُوَ ابْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَمُودَ بْنِ حَايِرَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، سَيِّدُنَا صَالِحٌ بُعِثَ إِلَى قَوْمِهِ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ وَكَانَ رَجُلًا أَحْمَرَ إِلَى الْبَيَاضِ سَبْطَ الشَّعْرِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَرْبَعِينَ عَامًا سَيِّدُنَا صَالِحٌ.
قَالَ نَوْفٌ الشَّامِيُّ‏: صَالِحٌ مِنَ الْعَرَبِ , لَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ عَادًا عَمَّرَتْ ثَمُودُ بَعَدَهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ صَالِحًا غُلَامًا شَابًّا فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ حِينَ شَمِطَ وَكَبِرَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ نَبِيٌّ إِلَّا هُودٌ وَصَالِحٌ‏. أَخْرَجَهُمَا فِي الْمُسْتَدْرَكِ‏.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ‏: الْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمُودًا كَانَ بَعْدَ عَادٍ كَمَا كَانَ عَادٌ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ‏.
وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنِ النَّوَوِيِّ فِي تَهْذِيبِهِ، مِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ‏: هُوَ صَالِحُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَسَيْفَ بْنِ مَاشِجِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَاذِرِ بْنِ ثَمُودَ بْنِ عَادِ بْنِ عُوصَ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ وَهُوَ شَابٌّ، وَكَانُوا عَرَبًا، مَنَازِلُهُمْ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ، فَأَقَامَ فِيهِمْ عِشْرِينَ سَنَةً وَمَاتَ بِمَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً‏.
12- شُعَيْبٌ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ‏: هُوَ ابْنُ مِيكَايِيلَ، كَذَا بِخَطِّ الذَّهَبِيِّ فِي اخْتِصَارِ الْمُسْتَدْرَكِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ابْنُ مَلْكَايِنَ، وَقِيلَ: ابْنُ مِيكِيلَ بْنِ يَشْجُنَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ‏.
وَرَأَيْتُ بِخَطِّ النَّوَوِيِّ فِي تَهْذِيبِه: ابْنَ مِيكَايِيلَ بْنِ يَشْجُنَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، كَانَ يُقَالُ لَهُ: خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ وَبُعِثَ رَسُولًا إِلَى أُمَّتَيْنِ سَيِّدُنَا شُعَيْبٌ: مَدْيَنَ، وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَعَمِيَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ‏.
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ أَنَّ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أَمَةٌ وَاحِدَةٌ‏.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ‏: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وُعِظَ بِوَفَاءِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا وَاحِدٌ.
وَاحْتُجَّ لِلْأَوَّلِ بِمَا أَخْرَجَهُ عَنِ السُّدِّيِّ وَعِكْرِمَةَ، قَالَا‏: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا مَرَّتَيْنِ إِلَّا شُعَيْبًا‏‏، مَرَّةً إِلَى مَدْيَنَ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْحَةِ، وَمَرَّةً إِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِ يَوْمِ الظُّلَّةِ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِه: مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: «أَنَّ قَوْمَ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أُمَّتَانِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا شُعَيْبًا».
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ‏: وَهُوَ غَرِيبٌ وَفِي رَفْعِهِ نَظَرٌ‏.
قَالَ‏: وَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى ثَلَاثِ أُمَمٍ، وَالثَّالِثَةُ أَصْحَابُ الرَّسِّ‏.
13- مُوسَى: هُوَ ابْنُ عِمْرَانَ بْنِ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ بْنِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَا خِلَافَ فِي نَسَبِهِ وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ‏.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: إِنَّمَا سُمِّيَ مُوسَى لِأَنَّهُ أُلْقِيَ بَيْنَ شَجَرٍ وَمَاءٍ، فَالْمَاءُ بِالْقِبْطِيَّةِ (مُو) وَالشَّجَرُ (سَا)‏.
وَفِي الصَّحِيحِ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ: «آدَمُ طُوَالٌ جَعْدٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ».
قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً‏.
14- هَارُونُ: أَخُوهُ شَقِيقُهُ وَقِيلَ: لِأُمِّهِ فَقَطْ، وَقِيلَ: لِأَبِيهِ فَقَطْ. حَكَاهُمَا الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ، كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ فَصِيحًا جِدًّا، مَاتَ قَبْلَ مُوسَى، وَكَانَ وُلِدَ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ‏.
وَفِي بَعْضِ أَحَادِيثَ الْإِسْرَاء: «صَعِدَتْ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ وَنِصْفُ لِحْيَتِهِ بَيْضَاءُ، وَنِصْفُهَا أَسْوَدُ تَكَادُ لِحْيَتُهُ تَضْرِبُ سُرَّتُهُ مِنْ طُولِهَا، فَقُلْتُ‏: يَا جِبْرِيلُ، مِنْ هَذَا؟ قَالَ‏: الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ‏».
وَذَكَرَ ابْنُ مَسْكَوَيْه: أَنَّ مَعْنَى هَارُونَ بِالْعِبْرَانِيَّة: الْمُحَبَّبُ‏.
15- دَاوُدُ: هُوَ ابْنُ إِيشَى بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ابْنِ عَوْبَدَ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ- ابْنِ بَاعَرَ- بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمِلَةٍ مَفْتُوحَةٍ- ابْنِ سَلَمُونَ- بْنِ يَخْشَوْنَ بْنِ عَمَى بْنِ يَارِبَ بِتَحْتِيَّةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ- ابْنِ رَامِ بْنِ حَضَرُونَ- بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ- ابْنِ فَارِصَ- بِفَاءٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ ابْنِ يَهُوذَ بْنِ يَعْقُوبَ‏.
فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ الْبَشَرِ‏. قَالَ كَعْبٌ‏: كَانَ أَحْمَرَ الْوَجْهِ سَبْطَ الرَّأْسِ أَبْيَضَ الْجِسْمِ، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فِيهَا جُعُودَةٌ، حَسَنُ الصَّوْتِ وَالْخَلْقِ، وَجُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ‏.
قَالَ النَّوَوِيُّ‏: قَالَ أَهْلُ التَّارِيخ: عَاشَ مِائَةً سَنَةٍ، مُدَّةَ مُلْكِهِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ابْنًا‏.
16- سُلَيْمَانُ وَلَدُهُ: قَالَ كَعْبٌ‏: كَانَ أَبْيَضَ جَسِيمًا وَسِيمًا وَضِيئًا، جَمِيلًا خَاشِعًا مُتَوَاضِعًا، وَكَانَ أَبُوهُ يُشَاوِرُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِ مَعَ صِغَرِ سَنِّهِ لِوُفُورِ عَقْلِهِ وَعِلْمِهِ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: مَلَكَ الْأَرْضَ مُؤْمِنَان: سُلَيْمَانُ وَذُو الْقَرْنَيْنِ‏، وَكَافِرَان: نُمْرُوذُ وَبُخْتَنَصَّرُ.
قَالَ أَهْلُ التَّارِيخ: مَلَكَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَابْتَدَأَ بِنَاءَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ مُلْكِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَمَاتَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً.
17- أَيُّوبُ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ‏: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي نَسَبِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ أَبْيَضُ‏.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ‏: هُوَ أَيُّوبُ بْنُ مُوصِ بْنِ رَوْحِ بْنِ عِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ.
وَحَكَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ أُمَّهُ بِنْتُ لُوطٍ، وَأَنَّ أَبَاهُ مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ قَبْلَ مُوسَى.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ‏: كَانَ بَعْدَ شُعَيْبٍ‏.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ‏: كَانَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ ابْتُلِيَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ، وَكَانَتْ مُدَّةُ بَلَائِهِ سَبْعَ سِنِينَ‏.
وَقِيلَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَقِيلَ: ثَلَاثَ سِنِينَ‏.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ مُدَّةَ عُمُرِهِ كَانَتْ ثَلَاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً‏.
18- ذُو الْكِفْل: قِيلَ: هُوَ ابْنُ أَيُّوبَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ وَهْبٍ‏: أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ بَعْدَ أَيُّوبَ ابْنَهُ بِشْرَ بْنَ أَيُّوبَ نَبِيًّا وَسَمَّاهُ ذَا الْكِفْلِ، وَأَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيدِهِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالشَّامِ عُمُرَهُ حَتَّى مَاتَ، وَعُمُرُهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً‏.
وَفِي الْعَجَائِبِ لِلْكِرْمَانِيّ: قِيلَ: هُوَ إِلْيَاسُ وَقِيلَ: هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقِيلَ: هُوَ نَبِيٌّ اسْمُهُ ذُو الْكِفْلِ وَقِيلَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا تَكَفَّلَ بِأُمُورٍ فَوَفَّى بِهَا، وَقِيلَ: هُوَ زَكَرِيَّا مِنْ قوله: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آلِ عِمْرَانَ: 37]. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ‏: قِيلَ: هُوَ نَبِيٌّ تَكَفَّلَ اللَّهُ لَهُ فِي عَمَلِهِ بِضِعْفِ عَمَلِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَأَنَّ الْيَسَعَ اسْتَخْلَفَهُ فَتَكَفَّلَ لَهُ أَنْ يَصُومَ النَّهَارَ وَيَقُومَ اللَّيْلَ‏. وَقِيلَ: أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ رَكْعَةٍ‏. وَقِيلَ: هُوَ الْيَسَعُ وَإِنَّ لَهُ اسْمَيْنِ‏.
19- يُونُسُ هُوَ ابْنُ مَتَّى، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مَقْصُورٌ، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ اسْمُ أُمِّهِ‏.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ‏: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ، وَنَسَبُهُ إِلَى أَبِيهِ قَالَ‏: فَهَذَا أَصَحُّ‏. قَالَ‏: وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى اتِّصَالِ نَسَبِهِ‏. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ فِي زَمَنِ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ مِنَ الْفُرْسِ‏.
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهُ لَبِثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، سَيِّدُنَا يُونُسُ وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِق: سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَعَنْ قَتَادَةَ: ثَلَاثَةً‏، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏: الْتَقَمَهُ ضُحًى، وَلَفِظَهُ عَشِيَّةً‏.
وَفِي يُونُسَ سِتُّ لُغَاتٍ‏: تَثْلِيثُ النُّونِ مَعَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِضَمِّ النُّونِ مَعَ الْوَاوِ‏. قَالَ أَبُو حَيَّانَ‏: وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِكَسْرِ يُونُسَ وَيُوسُفَ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُمَا عَرَبِيَّيْنِ مُشْتَقَّيْنِ مِنْ أَنَسَ وَأَسِفَ وَهُوَ شَاذٌّ.
20- إِلْيَاسُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأ: هُوَ ابْنُ يَاسِينَ بْنِ فَنْحَاصَ بْنِ الْعَيْزَارِ بْنِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ‏.
وَقَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ‏: حَكَى الْقُتَيْبِيُّ أَنَّهُ مِنْ سِبْطِ يُوشَعَ‏.
وَقَالَ وَهْبٌ‏: إِنَّهُ عُمِّرَ كَمَا عُمِّرَ الْخَضِرُ، وَإِنَّهُ يَبْقَى إِلَى آخَرِ الزَّمَانِ‏.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا‏. وَإِلْيَاسُ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ، وَقَدْ زِيدَ فِي آخِرِهِ يَاءٌ وَنُونٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصَّافَّات: 130]. كَمَا قَالُوا فِي إِدْرِيسَ (إِدْرَاسِينَ‏). وَمَنْ قَرَأَ: {آلِ يس} فَقِيلَ: الْمُرَادُ آلُ مُحَمَّدٍ.
21- الْيَسَعَ قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ‏: هُوَ ابْنُ أَخْطُوبِ بْنِ الْعَجُوزِ‏.
قَالَ‏: وَالْعَامَّةُ تَقْرَؤُهُ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ‏.
وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ‏: {وَاللَّيْسَعُ} بِلَامَيْنِ وَبِالتَّشْدِيدِ، فَعَلَى هَذَا هُوَ أَعْجَمِيٌّ، وَكَذَا عَلَى الْأَوْلَى. وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ مَنْقُولٌ مِنَ الْفِعْلِ، مِنْ وَسِعَ يَسَعُ.
22- زَكَرِيَّا كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَقُتِلَ بَعْدَ مَقْتَلِ وَلَدِهِ، وَكَانَ لَهُ يَوْمَ بُشِّرَ بِوَلَدِهِ اثْنَتَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: تِسْعٌ وَتِسْعُونَ وَقِيلَ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ‏.
وَزَكَرِيَّا اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَفِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ‏: أَشْهَرُهَا الْمَدُّ، وَالثَّانِيَةُ الْقَصْرُ، وَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ، وَزَكَرِيَّا بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَزَكَرَ كَقَلَمٍ‏.
23- يَحْيَى وَلَدُهُ: أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ يَحْيَى بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وُلِدَ قَبْلَ عِيسَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَنُبِّئَ صَغِيرًا، وَقُتِلَ ظُلْمًا، وَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَى قَاتِلِيهِ بُخْتَنَصَّرَ وَجُيُوشَهُ‏. وَيَحْيَى اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ‏. قَالَ الْوَاحِدِيُّ‏: وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يَنْصَرِفُ‏.
‏قَالَ الْكِرْمَانِيُّ‏: وَعَلَى الثَّانِي إِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ حَيِيَ بِهِ رَحِمُ أُمِّهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ اسْتُشْهِدَ وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَمُوتُ كَالْمَفَازَةِ لِلْمُهْلِكَةِ وَالسَّلِيمِ لِلَّدِيغِ.
24- عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: خَلَقَهُ اللَّهُ بِلَا أَبٍ وَكَانَتْ مُدَّةُ حَمْلِهِ سَاعَةً، وَقِيلَ: ثَلَاثَ سَاعَاتٍ، وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَلَهَا عَشْرُ سِنِينَ، وَقِيلَ: خَمْسَةَ عَشْرَةَ، وَرُفِعَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً‏.
وَفِي أَحَادِيثَ: أَنَّهُ يَنْزِلُ وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَيَتَزَوَّجُ وَيُولَدُ لَهُ، وَيَحُجُّ وَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ، وَيُدْفَنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏. وَفِي الصَّحِيح: «أَنَّهُ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ‏» يَعْنِي حَمَّامًا‏.
وَعِيسَى اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ أَوْ سُرْيَانِيٌّ‏.
فَائِدَةٌ:
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: لَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَهُ اسْمَانِ إِلَّا عِيسَى وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.
25- مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُمِّيَ فِي الْقُرْآنِ بِأَسْمَاءٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ‏.
فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ‏: خَمْسَةٌ سُمُّوا قَبْلَ أَنْ يَكُونُوا‏: مُحَمَّدٌ {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصَّفّ: 6]. وَيَحْيَى {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مَرْيَمَ: 7]. وَعِيسَى {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى} [آلِ عِمْرَانَ: 45]. وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هُودٍ: 71]. قَالَ الرَّاغِبُ‏: وَخَصُّ لَفْظَ أَحْمَدَ فِيمَا بَشَّرَ بِهِ عِيسَى تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَحْمَدُ مِنْهُ وَمِنَ الَّذِينَ قَبْلَهُ‏.